سيدتي
ك لما خلوت بنفسي وراجعتها، وتفقدت أسوارها وأقفالها ترجع بي الذكريات إلى سابق عهد ما كانت جيوش العشق قادرة على اختراق أسوار قلبي، وما كانت سهام الهوى لتنفذ إلى فؤادي... ولكن حين أبصرت عيونك تداعت كل حصوني، وفتحت كل أبواب روحي و تعالت دقات القلب هاتفة بعشقك واستسلم كل جنود عنادي وجثت قواده أمامك راكعة مقبلة الأرض بين يديك.
وسألت يومها بصري ... مالي أراك تقبل الثرى تحت خطاها؟! فأجابني: ما لثمي للتراب حباً في الأرض وأديمها وإنما عشقاً لمن وطئت هذا الثرى..
آسرتي:
هل أغراك استسلام القلب لك، وأنه صار طوع بنانك .. تتحكمين وتأمرين.. يا ويح قلبي بين يديك.. كسير الجناح، لا يقوى على الفكاك ولا يسليه النواح...
لي في عشقك جنة وجحيم..
وبه الشقاء ومنه النعيم...
نهر عشقك عذب وبحر هواك مر أليم...
أنت البلسم و بدونك القلب سقيم..
بعضي في جحيم الشوق يصطلي وبعضي في برد هواك يرفل... فوضت الأمر فيك للهوى و سلطانه، ودعوت أن يبتليك بما أصاب فؤادي وأراق هواي..
لا ... معاذ الهوى سيدتي ... فأنا أرحم بك مما تظنين... وإن كان قلبي قد كابد الهوى و شجونه، فلا دمعت عيناك ولا اكتوى فؤادك بلوعة الغرام...
وإن كانت أخاديد خدي قد إرتوت بدموع شوقي إليك، فإنني لا أرجو أن يزور الدمع مقلتيك، ولا أن تذوقه الأزاهير في وجنتيك.
سيدتي:
إن كان شقائي في هواك هو قدري، وإن كان قلبي قد وقع صريع عشقك... فإن أملي في أن يظل حبك سارياً في عروقي ... أموت لبُعدي عنك، ويحييني أمل محبتك... اعلمي أن يد الردى إن اقتطفت زهرة شبابي فإنك أنت الوحيدة القادرة على أن تعيدي لها الحياة والنضارة... فيكفيني أن تذكريني فينهض قلبي من بين قبور الأموات.
فاتنتي:
يا ليت شعري... لو أن نهايتي بيديك ... لأحببت أن أنتهي في اليوم ألف ألف مرة... لا تعجبي من أمر قلبي واذكري أنه أول قتيل يتوسل لقاتله أن يعيد الكرة مرة بعد مرة ... ولكن أحسني القتلة ولا تهدري عشقي و تريقي هواي في امتناع وصدود، و ابتعاد وجمود...
آه أيها العشق... لو أنك رجلاً لدعوت عليك أن تُحب ولو ساعة واحدة ... فتتذوق مرارة ما يكابده كل من ابتلي بك... إني لأدعو عليك دعوة مظلوم الهوى بأن تلقى عيناها فأراك صريعاً عند قدماها.... ساعتها ستعلم كيف تآمرت جفونها و أردتني مدحوراً...
خـضـعت لـهـا في الحب من بعد عزتي ......<BR>..... و كـل محب لـلأحـبـة خـاضـع